لمن القرار بقلم سهام صادق
انت في الصفحة 1 من 298 صفحات
الفصل الأول
_ بقلم سهام صادق
ارتجف جسدها عندما تعالت صافرة القطار تعلن عن وصوله لمحطته الاخيره..
طالعت الوجوه حولها تبحث عن وجه والديها وأخواتها بين الجموع المغادره ولكنهم كانوا غرباء عنها..
التمعت عيناها بالدمع وهي تفيق من غفوتها المؤقته انها لم تعد ببلدتها وسط أناسها البسطاء.. الآلم نهش قلبها وهي تتذكر نحيب والدتها وأخواتها وركض أصغر اخواتها الصبيه خلفها يودعها بصړاخ يطلب منها الا تغادر وتتركهم ولكن هي أصبحت فتاه كبيره كما اخبرتها والدتها وان موعد زواجها قد حان كمثل فتيات بلدتهم
كانت تسير مسلوبة الإرادة لا ترى أمامها إلا تفاصيل ماعاشته الايام الماضيه من غناء نساء بلدتهم وفرحة والدتها وفستان عرسها البسيط ونصائح والدتها لها لعالم لا تعرف متى كبرت لتدخله
طالع حسن شرودها يتأمل تفاصيل ملامحها الصغيره وجسدها الانثوي الذي تخفيه خلف جلبابها ب وروده المنقوشه
ظل يحادثها عن زحمة العاصمه والعيش بها وهي لم تكن إلا كمتلقي تستمع لحديثه بشرود وتنظر عبر زجاج سيارة الأجرة لخطوات الناس العجوله بين الزحام ووسائل النقل المكدسة بالكادحين
لم تعرف كم استغرق الوقت بهم فهى كالتائهه تسير بجانبه تلتف حولها هنا وهناك لعلها تجد أحدا تشم به رائحة والديها وقريتها
اخيرا وصلنا.. الواحد جسمه بقى مهدود
طالع ارتجافها ونظراتها بتلذذ ليقترب منها محتضنا كتفيها هامسا
نورتي بيتك ياعروسه
اڼفجرت في بكاء مرير بعدما أدركت انها وحدها معه وتعلقت عيناها بالباب
ربت فوق كتفيها برفق وعاملها كطفله صغيره بل وذهب لإحضار الطعام ولوح شيكولاتة كبير لن تنسى مذاقه يوما
ولكن هو كان رجلا جائعا لم يتحمل المزيد من بكاء الأطفال هذا.. ضجر فصړخ بها
هو انا اتجوزت طفله..ما كفايه عياط
عضت شفتيها وصوت شهقاتها يخرج دون ارداده منها
انا.. انا
أنتي ايه.. هي الست الوالده مقالتش ليكي انك كبرتي خلاص
قالتلي اني اقولك حاضر ونعم
انتفخت اوداجه اعتزازا بنفسه مقتربا منها
مدام قالتلك تقوليلي حاضر ونعم.. يبقى خدي البسي ده وتعالى
أعطاها تلك الحقيبة وهو يمني نفسه بليله انتظرها طويلا وعندما وجدها تخشبت كالمعتاد زفر بحنق يدفعها أمامه نحو الغرفه المفروشه بأثاث قديم بعض الشئ كحال باقي الشقه
.........................
طالعت جسدها بأرتجاف وهي ترى هيئتها في تلك الخرقة الممزقة كما سمتها انها لديها خلفية عن اثواب النوم فليست جاهله بها فالنساء المتزوجات ترتديهم بكل مكان ولكن لم ترى مثل هذا بحياتها
ضمت جسدها بذراعيها تتسأل عن أي شئ تداريه تلك القطعه
ارتجف جسدها من تلك البروده التي اصابته للتو لتدرك ان تلك البروده أتت مع صاحبها عندما انفتح باب الغرفه
نظرات لم تفهم معناها ولكنها بحداثة الأنثى داخلها أدركت ان تلك اللحظه ما كانت تسمع عنها من ثرثرة النسوة في قريتها
تحديقه بها واقترابه منها بتلك النظرات جعلتها تلتف حولها
تبحث عن عباءتها المحتشمه
ده صالح كان عنده حق لما قالي سيبك من الفرجه ياحسن...
وبتر كلماته التي صرح بها بوقاحه ليجتذبها من ذراعها فتصرخ بهلع
لا .. لا
تعالت ضحكاته بقوه وهو لا يصدق انها تريده ان يبتعد عنها.. وفي لحظه كان كل شئ يغلفه الظلام.. ظلام سقطت فيه هي مع رغباته الجائعه
.................
كان يشعر بنظراتها المسلطه عليه وبغرور رجل كان يتجاهل نظراتها.. يعلم انه لو عاد اليها ثانية ستكون اكثر من مرحبه ولكن هو من يضع حد لكل بداية ونهاية مايريده
مش اتفقنا هنقضي الليله مع بعض ياسليم
التف اليها ينظر لها وكم راقته نظراتها الراغبه
عندي قضيه مهمه ياشهيرة
وفي ثواني كان يغادر الغرفه دون أن ينتظر المزيد من حديثها
والديها هكذا وهل كل نساء قريتها تتزوج ليكون هذا عڈابها..
سقطت دموعها تبحث عن دفئ اخوتها حولها ولكن لا شئ كان إلا البروده وخواء الروح
......................
وقف يطالع خطواته العنهجية يتمنى داخله ان يعيش حياه كحياته.. رجلا ناجحا ذو اسم لامع والكثير من الحسناوات تتهاتف حوله
نفض حسن أفكاره واقترب منه يحمل عنه حقيبته متمتما
صباح الخير يافندم
مبروك على الجواز ياحسن
الله يبارك فيك يافندم..
وكما توقع حسن وحاول تجاهله بتحديقه بالطريق.. ظرف به بعض المال هدية له وعروسه
ديه هديتك انت والعروسه ياحسن
خيرك سابق يا سليم بيه
........................
لم تصدق كل ما تراه حولها..النساء يلتصقن بالرجال وثياب خجلت من النظر اليها.. رأت ما لم تراه من قبل في حياتها.. حياه لا تشبه حياه قريتها البسيطه بأناسها البسطاء
والصدمه احتلت ملامحها وهي ترى العامل يضع أمام إحدى النساء الشيشة فتتناولها منه تشرع في تدخينها
المشهد جمدها للحظات لتلتف نحو حسن المندمج بشيشته هو الاخر تسأله
ديه الستات بتشرب شيشه ياحسن
تعالت ضحكات حسن وهو يرمقها
هنا كل حاجه مباحه يافتون.. انتي مش لسا تحت الجاموسه في قريتكم
وتعالت ضحكاته يشير لها نحو النساء
شايفه الستات عاملين ازاي.. شوفي واتعلمي
وتأمل فستانها الفلاحي ذو الألوان الزاهيه وتسريحة شعرها المعقوده كطالبه مدرسه مقززا من هيئتها
الموضه شكلها موصلتش عندكم القريه يافتون
قالها مستخففا بحديثه وببراءه لم تلوثها الحياه لم تفهم حديثه المملوء بالازدراء ولا نظراته التي كان يوزعها بينها وبين الاخريات
فاطمه صاحبتي بتجيب كل هدومها من هنا..
واردفت بحماس تحكي له عن جارتها
اصل ليها خال عايش في مصر من زمان وكل صيف بيجوا يزوره.. ده حتى جابلها تليفون لما نجحت في الاعداديه ودخلت الثانويه
ابتلعت غصتها وهي تتذكر حلمها.. فكم ليالي حلمت ان تدخل الجامعه وتصبح محاميه تطالب بحقوق المظلومين..كحالهم
طرقعت حسن لكفوفه وهو ينظر للطعام الذي وضع للتو أمامه جعلها تفيق من شرودها.. شرع في تناول الطعام يتذوق مذاق الكفته المشويه فوق الفحم متلذذا
عمك سعيد ده احسن واحد يعمل كفته
التمعت عيناها وهي تنظر للطعام داعية لمن كان سبب في تلك العزيمه
ربنا يوسع رزق البيه بتاعك كمان وكمان
طالعها حسن وهو يحشر الطعام في فمه
اكتر من كده... ده معاه فلوس زي الرز مش عارف يضيعها فين
وبدء يقص لها عن مغامرته ونساءه وحياه الترف التي يعيشها.. فمضغت لقمتها بحزن على حياه ذلك الرجل
الفلوس مش كل حاجه ياحسن.. اه هو معاه فلوس بس معندهوش حد عايش معاه
استنكر حديثها الذي لا يعجبه
كلي يافتون خلينا نروح ... وتمتم حانقا
قال الفلوس مش كل حاجه قال
..........................
ليله كانت كالحلم الجميل معه..اصبحت تتعلق به كالادمان لا تريد للساعات التي يسرقوها من