تانى
نهضت سلمى وصاحت بها: سيبيها يا رنا يمكن هترتاح لو مُت أصل نادر اللي أبنها مش أنا.
تجمعت دموع في عيونها من خيبة الأمل التي تشعر لها ولكن لم تذرف دمعة وتابعت: طالما دمك محروق أوي كدة عليه، يا ترى هتزعلي لما تعرفي أنه متجوز عليا
بهت وجه والدتها قليلا ورددت: أتجوز عليكِ؟
أومأت سلمى وقالت بتهكم: اه يا ترى ده فرق في حاجة؟
صمتت والدتها فقالت سلمى بحرقة تكتنفها: طب حتى هتزعلي لما تعرفي أني دخلت المستشفى بسببه؟ هتزعلي لما تعرفي أنه ضر.بني وكان هيسقطني وأنا حامل وسابني أنزف هو ومراته لولا أنه خالي جه الله أعلم كان حصل فيا إيه
اتسعت عيون والدتها بصد@مة ولم ترد عليها، زفرت سلمى بشدة وهى تسيطر على غضبها لأنها بدأت تشعر بالتعب يعود إليها.
نظرت لوالدتها بدون أي تعبير على وجهها وقالت ببرود: أنا من النهاردة هعيش لنفسي ولولادي، جربت أعيش قبل كدة علشان غيري وده اللي خدته في الآخر، طالما تصرفي مضايقك كدة اعتبريني ميتة ده أحسن لينا كلنا.
سارعت بالابتعاد ودلفت لغرفة النوم ثم أغلقت الباب بقوة وبالمفتاح حتى لا يدخل أحد عليها فهى ترغب بأن تكون وحيدة.
تمددت على السرير وحاولت أن ترتاح ولكن أبَى التفكير أن يفارقها، انهمرت دمعتين على خدها فمسحتهم بسرعة.
همست لنفسها بجذل: أنا بخير مفيش حاجة، مش هضايق أنا خلاص بقيت بخير.
سمعت طرق على الباب فقالت بصوت رغم ارتفاعه ولكن ظهر فيه الارتجاف: عايزة أبقى لوحدي وارتاح شوية.
توقف الطرق وانسحب الطرف الآخر، استسلمت للارهاق الذي ألم بها ونامت نوما عميقا.
استيقظت على طرق على الباب بشدة نوعا ما وصوت مروان يصل إليها بملل: يا ماما اصحي بقا.
اعتدلت وهى تستعيد بقية تركيزها ثم نهضت وفتحت الباب لمروان الذي عانقها بشدة حين رآها.
مروان بعتاب طفولي: كدة يا ماما تقفلي الباب مكنتش عارف أدخل لك.
ربتت عليه بحنان: معلش يا حبيبي نمت ونسيت الباب مقفول.
أتت رنا تقول بمرح: يلا حضرت لكم العشاء وكمان أنا بايتة معاكم النهاردة وهنسهر سوا كلنا.
نظرت لها سلمى بإمتنان على صنيعها معها ووقوفها بجانبها في هذه الظروف الصعبة.
في اليوم التالي ذهبت إلى قسم الشرطة وهناك قابلت المحامي الخاص بها
قال لها بجدية: قبضوا على شيماء أمبارح وهى رفضت تعترف في الأول بعلاقتها بأي حاجة وبعدين اعترفت أنه جوزك حرضها على سرقتك وأنتِ مشغولة ولما ضر.بك قالها تروح لبيت أهلها ومتعملش حاجة غير لما يقولها.
تنهدت سلمى وقالت بتساؤل: طب وايه اللي هيحصل بعدين؟
قال المحامي ببساطة: هيتحولوا للمحكمة طبعا.
ترددت قليلا ثم قالت: هو ممكن ميتسجنوش لمدة طويلة يعني ؟
قطب حاجبيه بإستفهام: إزاي يعني؟
ازدردت ريقها وقالت بقلة حيلة: قصدي أني مش عايزة اسجن نادر كتير علشان ميتقالش أني سجنت أبو ولادي.
أومأ المحامي بفهم ثم قال بنبرة جدية يخالطها الصرامة: أنا متفهم رغبة حضرتك تماما واللي بتقوليه، بس للأسف جوزك مش لازم معاه المسامحة دي حتى لو علشان ولادك جوزك إنسان خطر عليكِ وعلى ولادك كمان، أوعي تنسي أنه كان ممكن يتسبب بإجهاضك لولا ستر ربنا كمان السر.قة والتحريض عليها يعاقب عليها القانون، جوزك ميستحقش العطف دي منك يا مدام سلمى
صمتت واكتفت بالإيماء موافقة على كلامه وقد تذكرت كل ما شعرت به البارحة من خطر من ناحيته وخصوصا أنه أذاها كثيرا.
تحدد موعد المحاكمة ويومها ذهبت مع رنا وخالها الذي حين علم كل شئ عاتبها بشدة لأنها أخفت عنه واخبرها أنه كان سيقف جانبها حتما ضد بطش زوجها، كما لام شقيقته على فعلتها في ابنتها الوحيدة وخذلانها ممكن جعل زوجها يتمادى في ظلمها.
حين رأته في قفص الاتهام لم تشعر بأي شئ تجاهه، أرادت حقها فقط مما فعلوه بها.
انتهت المحاكمة بالحكم على شيماء بالسجن ثلاثة أشهر أما نادر فحُكِم عليه بالسجن عامين ثم ربحت سلمى دعوة الطلاق والنفقة
حين سمعت شيماء الحكم صرخت بقوة: أنا مليش دعوة والله هو اللي قالي أنا مليش دعوة مش عايزة اتسجن
نظرت لسلمى تتوسل لها: أبوس إيدك يا سلمى خليهم يخرجوني، أنا مليش دعوة هو اللي قالي.
أخرجها العسكري من الزنزانة يتبعها نادر الذي نظر لسلمى بحقد ولكن عندما حان دوره ليعود للسجن قال لها بخوف: يا سلمى أنا أبو ولادك متعمليش فيا كدة.
نظرت بعيدا وفي تلك اللحظة لم تشعر بأكثر من الراحة فعلا!
رؤية شيماء التي تجبرت عليها الآن تتوسل لها ونادر أيضا كان مفعوله عجيبا وأظهر لها كم هم أشخاص جبناء وضعفاء.
كانت خارجة من المحكمة حين رأت والدتها تقف بعيدا، لأول مرة تشعر بقلبها يقسو تجاه والدتها ولم يكن هذا من فراغ بالطبع ولكن حين فضلت التضحية بها مقدما كلام الناس على مصلحتها.
عادت لمنزلها وقد تجاهلتها تماما ثم بدأت تخطط لمستقبلها مع طفليها، وأول ما فكرت فيه هو بيع هذا المنزل والانتقال لمنزل جديد تبدأ فيه بداية جديدة وتصنع فيه ذكريات جديدة.
بعد مرور أربعة أشهر، تم إخبار نادر بزيارة له، أستغرب من ممكن أن يزوره
حتى والديه لم يقوموا بزيارته بسبب أفعاله الأخيرة، حين دلف لغرفة الزيارة قال بذهول: شيماء! أنتِ خرجتِ أمتى؟
نظرت له شيماء بحقد، كان مظهرها قد تغير كثيرا عن آخر مرة خصوصا بعد أن دخلت السجن
قالت بنبرة الكره واضح بها: وده يهمك في ايه؟ مش كفاية دخلت السجن بسببك!
جلس وهو يقول بملل: وجاية ليه على كدة؟
نظرت له بإشمئزاز وردت: جاية علشان تطلقني.
اعتدل ونظر له بدهشة بينما بادلته التحديق وهى ترفع حاجبها: إيه مستغرب ليه؟ ولا تكون فاكر أني هفضل على ذمة واحد زيك رد سجون خصوصا بعد اللي حصل!
اتسعت عيونه بعدم تصديق ونطق: رد سجون؟ وحضرتك بقا مش رد سجون زيي ولا أنتِ رد دكتوراه؟
زفرت بحنق: ميهمنيش أنا مش عايزة الوث سمعتي أكتر من كدة بالارتباط بيك وبإسمك.
اشتغل غضبا واحمر وجهه ونظر لها بعيونه التي تنطق بالعن.ف وقال من بين أسنانه: ليه مش أنا كنت عاجبك وعاجبك تفكيري ولا بعد ما وقعت بقيت هلوث إسمك دلوقتي؟
خافت منه ومن الغضب الذي ظهر عليه، فنهضت وهى تقول بسرعة: مش مهم دلوقتي، متنساش تطلقني وإلا هرفع عليك قضية زي سلمى ما عملت.
ذكر سلمى زاد غضبه أكثر ثم نهض بسرعة وقبل أن تتخطاه لتصل للباب أمسك بها من شعرها فصرخت بقوة: الحقوني!