الأربعاء 18 ديسمبر 2024

رواية اخطائي الجزء الأول شهد محمد جادالله

انت في الصفحة 216 من 233 صفحات

موقع أيام نيوز


بتفريق خصلاتها الشقراء الناعمة إلى ثلاث ثم قامت بجدلهم وهي تشرح لها كيفية عملها وإن انتهت احتارت في ايجاد شيء يحكم أخرها لتحل حجابها وتنزع رابطة شعرها الحريري الذي انساب كشلال متدفق حالك السواد ليعيق رؤيتها ويعيق معه حركة ذلك الذي تسمر بأرضه هناك منبهر بها لم تنتبه لوجوده قط فقد هزت رأسها للخلف ترجع شعرها و وضعت حجابها مرة اخرى على رأسها ثم ربطتت رابطتها بشعر سنا كي تنهي مظهرها قائلة

ايه رأيك بقى بقيتي شبه البت ربنزل
 
طب تعالي نلعب بقى وعايزة اشوف حوض الورد
 البنات مبسوطين اوي مع بعض
اجفلها صوته لتشهق متفاجئة وعقبت متسرعة وهي تضع يدها اعلى صدرها
يالهوي...مش تحمحم ولا حاجة يا اسمك ايه والنعمة خضتني
اعتذر بلباقة وبكل أدب وهو يقف على بعد مسافة كافية منها
انا اسف مكنش قصدي اخضك
تنهدت وصوبت نظراتها نحو لهو الفتاتان من جديد
خلاص محصلش حاجة
تحمحم هو وحاول أن يتجاذب معها أطراف الحديث
سنا حبت طمطم جدا واتعلقت بيها
اجابته بعفوية ومازالت عيناها على الصغار
وانا وطمطم كمان حبناها اوي وبصراحة بنتك أسم الله عليها تتحب بسرعة وتدخل القلب من غير استئذان
أكثر ما يروقه بها هو عفويتها وصراحتها المتناهية التي تنم عن قلب لا يعرف الضغينة ولا يوجد به ذرة لؤم واحدة وحقا بعد تعامله المتحفظ معها أمس عن قرب وما فعلته مع ابنته الأن ورأه بأم عينه تأكد ان قراره بمحله لذلك حاول أن يلمح لها
مش لوحدها ...في ناس من كتر ما هي بسيطة ومريحة تدخل القلب برضو ومن غير استئذان
استشعرت بفطنتها ما يرمي له ولكنها حاولت أن تتروي وهي تحاول اقناع ذاتها أنه لم يتعمد أن يغازلها فهيئته بعيدة كل البعد عن هؤلاء الرجال الذين يستهون العبث ولكنه استأنف ليزعزع رأيها
زيك كده يا شهد 
وهنا لم تستطيع كبح لجام لسانها وقالت بشراسة متسرعة دون لحظة تفكير واحدة وهي تهب من على الأرجوحة
لأ بقولك ايه انا مش مرتحالك من الأول أقف معوج واتكلم عدل...إلا كلامك مايل ومش لايق على هيبتك.
توقع ردة فعلها لذلك حاول تهدئتها
اهدي علشان اعرف افهمك واكمل كلامي
تفهمني ايه اصلا مفيش كلام بينا وابعد من سكتي بقى أنا لولآ مش عايزة انكد على اخويا كان ليا تصرف تاني معاك
قالتها وهي تخطوا بعيد عنه ولكنه لحق بها قائلا
على فكرة أنا مستئذن محمد إني افاتحك واتكلم معاك
مش فاهمة
طيب بصراحة كده انا طلبت ايدك من اخوك
احتلت الصدمة وجهها وانحشر الحديث بحلقها ليستأنف هو برزانة وبنبرة عقلانية هادئة
اسمعيني لو سمحت انا عارف أنك متعرفنيش كفاية وعارف أننا شوفنا بعض مرات قليلة لكن أنا ارتحتلك ولقيت فيك حاجات مصدفتهاش قبل كده... مش هقولك حبيتك واضحك عليك وعلى نفسي بس هقولك معجب جدا بيك وبشخصيتك ولقيت فيك مميزات كتير أنا وبنتي محتاجينها...وصدقيني لو وافقتي هبقى اسعد حد في الدنيا واوعدك أنك مش هتندمي
حديثه وترها بشدة وجعل وجيب قلبها يتعالى..فدون قصد منه عزز ثقتها بنفسها و ايقظ مشاعر كامنة كانت تناستها بعد ۏفاة زوجها...فشعور كونها مازالت مرغوبة كان أكثر من مرضي لها ولكن ما يطلبه هو لم تفكر به قط من قبل وكانت ترفض رفض قاطع كل من يتقدم لها وتوبخ بشدة من يحاول إقناعها بالأمر ولكن الأن لاتعلم ما اصاب لجام لسانها الذي نطق على غير عادته مترويا
هو محمد قالك ايه
اجابها بنظرات متحفظة وببسمة مريحة هادئة
قالي أنت صاحبة القرار
زاغت نظراتها بتوتر واطرقت برأسها ثم تهربت قائلة 
انا هروح اشوفه فين علشان لازم نمشي الوقت اتأخر
شهد
جمدها بأرضها
فلا تعلم لم ارتجف بدنها حين نطق بأسمها مجرد دون ألقاب لتلتفت له بملامح متوترة حين استأنف برزانة وبنبرة هادئة
هسيبك تفكري براحتك ومش هضغط عليك بس بتمنى يكون قرارك في صالحي
ابتلعت ريقها وتهربت بنظراتها متلعثمة
اللي فيه الخير يقدمه ربنا...عن اذنك
لتحين منه بسمة متفائلة ويدعو الله أن تكون من قسمته فمنذ الوهلة الاولى التي رأها تجسدت بها تلك السکينة و الانتماء والدفئ الذي طالما كان يفتقده في سنوات غربته.
طرقات على باب منزلها جعلتها تهرول تفتح الباب لتتفاجئ به أمامها ترددت لوهلة قبل أن تدعوه قائلة
ادخل يا بشمهندس اتفضل
انصاع لها ببسمة باهتة وإن فعل هرولو اطفاله له مهللين
بابي... وحشتنا
وانتو كمان يا ولاد
تعمدت ان تمنحه بعض الوقت معهم وجلست تباشر عملها على حاسوبها وبعد بعض الوقت
 طلب هو منهم بأرهاق ظهر جلي على تقاسيم وجهه
معلش يا ولاد انا تعبان من الطريق ومحتاج اروح ارتاح
لتدخل هي
يلا ياولاد علشان هتصحوا بدري عندنا مدرسة الصبح
انصاعوا لها وقاموا بتركهم لتتسأل هي بأهتمام
يامن عامل ايه دلوقتي
اجابها وهو يحل اول زرار بقميصه
الحمد لله فاق وكلها كام يوم ويخرج من المستشفى
إن شاء الله هيبقى احسن وهيخرج بالسلامة متقلقش
هز رأسه يستبشر بحديثها ثم اخرج مفاتيح سيارتها قائلا
معلش مقدرتش ارجعهالك قبل كده مكنش ينفع اسيب خالتي انا حتى هرجع لهم تاني بس بعد ما اشوف الشغل
لو عايز خلي العربية معاك
نفى برأسه وهب واقفا ينوي المغادرة
لأ ملوش لزوم...
انا همشي محتاج ارتاح
استنى
قالتها وهي تفرك بيدها ولا تعلم من اين تبدأ مما جعله يتأهب بأهتمام بالغ لحديثها وهو يظن انها ستعدل عن قرارها بينما هي 
كادت تفاتحه بأمر مساعدتها له بشأن عمله ولكن منعه رنين هاتفه الذي صدح بألحاح عجيب جعله يضغط زر الألغاء و يزفر حانقا ثم يتسائل بترقب وبنبرة صدرت منه راجية
اتكلمي يا رهف انا سامعك
رد طيب على التليفون
قالتها بعدما تكرر رنين هاتفه ليجيب حانقا على الطرف الأخر
ألو خير
وعندما اتاه الرد من الطرف الأخر ليسقط الهاتف من يده وتتجهم معالمه بشدة وتتشوش رؤيته لدرجة انه كاد يفقد اتزانه وترنح بوقفته مما جعلها تقترب منه تحاول ان تسنده متسائلة بقلق
حسن مالك في ايه
ايه اللي حصل
عجز عن نطق شيء من شدة جفاف حلقه النابع من صډمته... لتتمسك هي ذراعه كي تدعمه ولكن حالته تفاقمت واخذ يلهث وكأنه يعاني ليلتقط انفاسه ثم دون سابق انذار كان جسده يتهاوى مثل قلبها اسفل قدمها. 

الواحد والاربعون
وإذا أساء إليك حبيب فقل له إنني أغفر لك جنايتك على.. ولكن هل يسعني أن أغفر لك ما جنيته على نفسك بما فعلت هكذا يتكلم عظيم الحب لأنه يتعالى حتى عن المغفرة
جلست ساهمة بعيون تحجر الدمع بها داخل احد اروقة المشفى ذاته الذي شهد على خسارتها فكانت تشعر رغم ثباتها إلا أن الأرض تدور بها و ومضات عابرة وأصوات متداخلة تطن برأسها للعديد والعديد من المواقف التي جمعت بينهم
فنعم رغم ما فعله بها إلا أنها لا تتمنى له السوء ابدا.
تعالى بكاء أطفالها ليطغو على عاصفة ذكرياتها لتضمهم وتحاول أن تجعلهم يكفوا عن البكاء ولكن بلا فائدة 
ليغمغم شريف باكيا
بابي ھيموت يا مامي ويسبنا
لتعقب شيري ايضا وهي تنتفض مخټنقة بشهقاتها
مش هنشوفه تاني
تمزق قلبها حسرتا على أبنائها وواستهم متفائلة
هيبقى كويس هيبقى كويس بطلوا عياط
لم يكفوا عن بكائهم لترجهوهم هي باڼهيار بعدما كوبت وجهه تخفي هشاشتها وضعفها
كفاية كفاية متوجعوش قلبي اسكتوا
كان يقف في الزاوية البعيدة يطالع ما يحدث بعيون جامدة وبملامح ثابتة تخالف تلك الأعاصير الموجعة بداخله فقد تفاجئ بها وبصغارها داخل المشفى اثناء مداومته وشهد على خۏفها ولكن كعادته ألتزم بثباته الانفعالي وتقدم منهم ببسمة يجيد اقتناصها في أكثر اوقاته المحزنة ينحني أمام مقعدهم بجذعه ويقول للصغار محفزا
ابوكم هيبقى كويس متخافوش
نفى شريف برأسه و غمغمت شيري
لأ بابي هيسبنا على طول ومش هنشوفه تاني
أزاحت هي يدها وكشفت عن بهوتها وطالعته بنظرة حزينة ضائعة جعلته يزفر انفاسه يستجمع قواه ثم 
جلس بجوار شيري و يربت على شعرها قائلا بنبرة حنونة مطمئنة وبكل بساطة كي يستوعب عقلها
هو مش انا دكتور و كشفت عليك وخفيتي بعدها
هزت الصغيرة رأسها ليستأنف هو
وزميلي دكتور زي وكشف عليه وبيطمنكم هيخف ويبقى كويس
بجد ياعمو
اه بجد انا مش هكذب عليكم 
وبعدين مينفعش ابوكم يفوق ويلاقيكم بتعيطوا كده
هزت شيري رأسها وكفكفت دمعاتها ثم سكنت بين والدتها أما عن شريف فقد وقف مواجه له متسائلا
انت طيب يانضال ومش بتكدب عليا صح
ابتسم بسمة عابرة ثم جفف دمعات شريف بكف يده وأخبره محفزا
احنا اصحاب وانا مستحيل اكدب عليك اجمد وخلي ابوك لما يفوق يحس انه ساب بطل بجد
هز شريف رأسه باقتناع و جفف وجهه بطرف كمه قائلا
انت عندك حق انا مش هعيط علشان بابي يتبسط مني

طيب روح اغسل وشك في الحمام هناك في اخر الممر ده
هز رأسه واستأذن من رهف التي كانت تتناوب النظرات بينهم مشدوهة من امكانيته في إقناع وتهدئة ابنائها بعد فشلها لتسمح 
له وإن ركض من أمامهم ضمت رأس شيري التي غفت على حجرها وسألته بعيون يتحجر الدمع بها
شكرا
لم يعير شكرها اهمية بل تسائل بأهتمام
ليه جبتيهم معاك مسبتهمش ليه مع كرملة
اجابته بملامح متهدلة
لما حسن وقع عقلي وقف ومكنتش عارفة اتصرف حتى معرفش اتصلت إزاي بالإسعاف
لترفع رماد عيناها له وتسأله
هو صحيح هيبقى كويس
تنهد وأجابها وهو ينزع نظارته الطبية ويمسد منحدر أنفه
اتعمل التحاليل والفحوصات اللازمة متقلقيش دي غيبوبة سكر عادية
ألقت سؤالها مستغربة 
بس هو معندوش السكر
مش شرط السكر زي الضغط و ممكن يكون اتعرض لضغط عصبي خلي نسبة السكر تعلى في الډم
فعلا هو جاله مكالمة و تعب بعديها
هز رأسه وألتزم بثباته رغم تلك الأعاصير التي تعصف بدواخله لتستأنف هي
الولاد يقدروا يشوفوه
هو دلوقت بيتعمله اللازم وهستأذلك الدكتور اللي بيتابع حالته انكم تدخلوله
هزت رأسها وتنفست براحة اكبر جعلته يهب من جلسته ويتهرب قائلا قبل أن يفتضح امره
انا همر على المرضى مكتبي اخر اوضة على اليمين لو حبتي تقعدي الولاد فيها عقبال ما تطمني عليه معنديش مشكلة
هزت رأسها دون حديث ليتنهد ويواليها ظهره كي يغادر وكونه يعلم ترددها وتلك المسافة الأمنة التي تتعمد أن تكون بينهم ألتفت من جديد واضاف بأهتمام بالغ لم يستطيع أن يكبح ذاته عنه 
 انا هنا يا بشمهندسة ومش همشي من المستشفى و ارجوك لو احتجتي حاجة متتردديش
اومأت له ببسمة باهتة لم تمسس رماد عيناها ثم نكست رأسها تشرد من جديد ليزفر هو انفاسه ويغادر من أمامها وهو يلعن حظه العسر فكان يظن أنه على أعتاب أن يصارحها ولكن بعدما حدث أدرك أن ذلك ال حسن كان ومازال عائق يحيل بينه وبين امنيته البعيدة.
يا بخته اللي واخد عقلك 
أطرقت برأسها ولملمت خصلاتها قائلة بخجل
يوه بقى يا بابي
بتحبيه اوي كده!
بحبك انت اكتر
يا اونطجية بتقوليلي كده علشان تهربي من السؤال
 لا مش بهرب وبحبه بحبه اوي يا بابي انا مش عارفة كنت عايشة من غيره ازاي انا كنت ضايعة قبل ما اعرفه.
ليتمتم هو نادما
سامحيني يا بنتي وحقك عليا انا جيت عليك كتير وكنت فاكر إني بحافظ عليك
خلاص يا بابي اللي فات ماټ على رأي شهد وانا نسيت وفرحانة اوي أننا قربنا من بعض وبقيت جنبي علطول ومش بتسافر 
تنهد بضيق ثم استرسل بندم
انا معنديش في الدنيا اغلى منك وكنت بحفر في الصخر علشان أأمنلك مستقبلك بس بعد اللي حصل اكتشفت أن الفلوس
 

215  216  217 

انت في الصفحة 216 من 233 صفحات