الأربعاء 18 ديسمبر 2024

رواية اخطائي الجزء الأول شهد محمد جادالله

انت في الصفحة 75 من 233 صفحات

موقع أيام نيوز


هي كانت دماغها ناشفة ومكنش قدامنا غير نوافق علشان بس نريحها وتقبل تتعالج
لتفر دمعة من عين ثريا وتستأنف پألم 
لكن هي مكنتش أد كلمتها ومقدرتش تتغلب على خۏفها وده كان خلاف دايم بينها وبين ابوك 
لغاية ما في يوم جالي وقالي أنه اټخانق خناقة كبيرة معاها بسبب رفضها وأن يأس من اقناعها واضطر انه يتهمها بالأنانية ويهددها انه هيقولك علشان يأثر عليها مجاش في باله ابدا أنه هيخسرها بعدها.

مهلا الآن ترابطت خيوط الحقيقة مع بعضها فما قصته هي لتوها هو ذاته ما استمعت له بتلك الليلة المشؤومة التي لا تنساها مهما حيت فكانت تستمع لها بأنفاس متعالية وبعيون دامية يهطل منها دمعات حاړقة مټألمة تنعي بها سنين عمرها التي اضنتها وهي تسعى لأنتقام واهي ليس له أي أساس من الصحة أيعقل!
لا محال أن تستوعب كم الحقائق تلك دفعة

واحدة فحقا قد تلفت اعصابها على الأخير ولم يعد باستطاعتها غير البكاء ثريا منها كي تواسيها وتشاركها بؤسها إياها بقوة لدفء ودمعاتها تنسل تضامنا معها فما كان من نادين غير أن تتشبث بها و 
يتعالى على أثر ذلك الحاني نحيبها الحارق التي كانت تكتم صرخاته وشهقاته المتقطعة بصدرها وكأنها تنعي بتلك الطريقة كل شيء حتى نفسها.
كانت تقف مفطورة من البكاء أمام غرفة العمليات لا تستوعب ما آل له حال رفيقتها فجارهم الطبيب اتى بها إلى المشفى التي يعمل بها وقام بإسعافها بنفسه. تأهبت عندما وجدت بابها يفتح ويظهر الطبيب لتهرول له متسائلة 
طمني عليها الله يخليك
تنهد وأخبرها بملامح آسفة 
هتبقى كويسة بس للأسف البيبي نزل ربنا يعوض عليها
شهقت سعاد وزاد بكائها بينما هو واساها قائلا 
قدر الله وما شاء فعل المهم انها بخير ولسه العمر أدامها
أومأت سعاد وشكرته من بين دمعاتها 
ونعم بالله ...انا متشكرة اوي يا لمساعدتك مش عارفة من غيرك كنت عملت أيه 
أجابها برحابة 
انا معملتش حاجة غير الواجب
حمد الله على سلامتها تقدري تدخليلها بعد ما ينقلوها أوضة عادية ولو احتجتوا حاجة انا موجود وهتلاقيني في مكتبي
اومأت له بامتنان وتساءلت وهي تكفكف دمعاتها 
بس انا متشرفتش بأسمك
أبتسم بسمة عابرة وعرف عن ذاته وهو يعدل من وضع نظارته الطبية 
أنا دكتور نضال توفيق
اهلا بحضرتك انا سعاد العشري
هز رأسه بمجاملة وببسمة عملية غادر ليباشر عمله تاركها تحاول أن تتمالك اعصابها كي تهون على رهف وتواسيها في خسارتها
بعد مرور ساعات الصباح الأولى التي قضتهم صاحبة الفيروزتان في جلسة علاج مع طبيبها النفسي الذي كان يسعى جاهدا أن يحفزها على الصمود ويساعدها كي تغير مسار أفكارها وأولوياتها.
فكانت تشعر براحة عارمة في كل مرة عن ما قبلها. حتى انها تعودت أن تذهب دون أبيها وقررت أن تعتمد على ذاتها فقرار التغير نابع من ذاتها ولابد أن تتحمل تبعاته وحدها
أما هو فكان ينتظرها بلا كلل أسفل بناية الطبيب وعندما أتت لموضع السيارة وصعدت بجانبه تساءل بنبرة مهتمة 
إيه الأخبار طمنيني
هزت رأسها ببسمة واسعة وأخبرته وهي تجلس بزاوية المقعد بمواجهته 
كله تمام ...مقدرش اقولك ببقى مرتاحة أد ايه بعد ما باجي هنا وبيبقى عندي طاقة إيجابية تكفي العالم كله
بادلها بسمتها وعقب بتحفيز 
طب ياريت بقى نوفر الطاقة الإيجابية الجميلة دي للمذاكرة علشان خلاص الأمتحانات على الأبواب
أجابته هي بنبرة مفعمة بلأمل 
انا فاتني كتير بصراحة بس هحاول أعوض الأيام اللي جاية
اومأ لها وإن كاد يشعل موقد السيارة تساءلت بريبة 
هتوديني فين
رفع منكبيه وقال بإعتيادية 
هروحك...
نفت برأسها وأخبرته وهي تلملم خصلاتها خلف أذنها بخجل 
مش عايزة أروح...
لتتلجم لهنيهة تحت وطأة نظراته المتأهبة لباقي حديثها وتستأنف بعدها 
انا عايزة اروح معاك البيت
صدم من مطلبها وخيل له أنها تمزح ليس أكثر فمن المؤكد أنها ليست بتلك الوقاحة كي تقصد ما وصله ولذلك تدخل عقله و هدر قائلا بكامل صوته الأجش وبحدة أجفلتها 
بيت مين...أنت أكيد بتهرجي صح ...هو عادي كده تروحي مع أي حد بيته فوقي الله يخليك وقولي كلام منطقي انت بنت ناس وميصحش
شهقت بتفاجئ من ما استشفه بالخطأ من مطلبها وهدرت بغيظ شديد تدافع عن ذاتها وهي ترفع سبابتها بوجهه 
انت بتقول إيه ... يظهر أنك أنت اللي اټجننت انا مكنش قصدي اللي وصلك كل الحكاية أن طمطم وحشتني وكنت عايزة أشوفها واقعد معاها و اتعرف على أختك ... بس يظهر أنك فسرت كلامي غلط وبجد ندمانة إني طلبت طلب غبي زي ده...واتفضل تقدر تروحني
قالت أخر جملة وهي تعتدل بجلستها وتشيح بنظراتها عنه مما جعله يزفر حانقا ويلعن تسرعه ويعتذر قائلا 
أنا آسف..بس اصل انت ساعات بتعملي وبتقولي حاجات بتطير برج من عقلي ..يعني مينفعش تقولي لشاب هروح معاك البيت اكيد لازم يفهم غلط
نظرت له نظرة مطولة ثم قالت بنبرة معاتبة 
أنا عفوية ومش متعودة أفكر في الكلام قبل ما اقوله ومش ذنبي أن تفكيرك رجعي
رجعي ده ابن اختك صح
رفعت حاجبيها تستغرب انه يمزح بينما هو كان يحاول أن يسخر من ذاته ليس منها فهنا تكمن نكبته فتلك الفوارق الطبقية بينهم
 

74  75  76 

انت في الصفحة 75 من 233 صفحات