رواية جميلتى
أتخذ قراره، وضع الباقة مجددا في مكانها السابق ثم تحامل على نفسه وحاول النهوض، كان الأمر صعبا عليه بسبب ألم قدمه وثُقل الجبيرة.
استند بيديه على حاجز السرير حتى تمكن من النهوض بصعوبة والوقوف شبه مائل على قدم واحدة ووجه أحمر من شدة المجهود الذي بذله، ترنح بتعب ولكن بقى ممسكا بحاجز السرير حتى لا يقع، حين حاول إفلات يديه والوقوف وحده كان على وشك الانزلاق بسبب عدم التوازن ولكنه عاد فأمسك بالحاجز مجددا وهو شبه منحني، زفر بصوت عالي من التعب.
حينها دلفت عليه والدته التي حدقت له بذعر ثم ركضت له بسرعة: قاسم! قومت ليه يابني من السرير؟
قال بصوت مُجهد: ماما ساعديني فيه مكان لازم نروح له دلوقتي بسرعة.
حدقت به والدته بعدم فهم وكأنه يتحدث بلغة لا تعرفها: أنت بتقول إيه يا بني؟ أنا هروح أجيب لك الدكتور يتفاهم معاك!
دخين استدارت لتذهب أمسك قاسم بذراعها وقال بضيق: يا ماما ساعديني أنتِ شايفاني عامل إزاي؟
وضعت والدته يدها على رأسها وقالت بيأس: عوض عليا عوض الصابرين يارب، أنت عايز تجنني يابني، مش قادر تقف على رجلك وعايز تروح مشوار!
أمسك بيدها وقال بجدية: يا ماما ده مشوار مهم جدا في حياتي أنتِ ليه مش مستوعبة كلامي؟
كانت على وشك الحديث حين دلف الطبيب الذي نظر بدهشة لمريضه الذي يقف بصعوبة على قدم واحد ويستند بيد على حاجز السرير واليد الأخرى على والدته.
قال بدهشة: إيه اللي بيحصل هنا ده؟ ليه قايم من سريرك ده ممنوع.
قالت والدته بحنق: قوله يا دكتور، ده شكله اتجنن عايز يخرج من المستشفى.
زفر قاسم بنفاذ صبر: يا ماما دي حاجة تفرحك ولا أنتِ مش عايزاني أتجوز!
حدقت به بإستنكار: جواز إيه ياخويا بالجبس بتاعك ده؟ ولا هتروح تتقدم وأنت بتعرج على رجل واحدة.
حدق بها بملل ثم نظر للطبيب الذي فهم وابتسم: لو سمحت اديني أي مسكن أنا لازم أروح المشوار ده وبعدها هرجع هنا علطول.
أومأ الطبيب برأسه: هديك مسكن وكمان عكاز تمشي بيه بس لازم ترجع بسرعة، خروجك بدري كدة خطر أساسا بس شكلك مش هتسمع من حد ف المناهدة ملهاش لازمة.
قالت والدته بصد@مة: أنت عايز تتجوز بجد؟ ده أنا افتكرتك بتهزر علشان تخرج.
أبتسم لها واعتدل ليستند عليها وهو يضع يده حول كتفها: من أمتى بهزر في الحاجات دي يا أم قاسم؟
عقدت حاجبيها بتساؤل وفضول: ومين دي بقى اللي هتخرج علشانها من المستشفى ومقولتليش عليها قبل كدة؟
أبتسم لها ثم قبل خدها: هتعرفيها أهو متستعجليش.
عودة للحاضر وهو يقف أمام جميلة ثم يمد يده لها بباقة الورود التي أخذتها منه بسرعة وهو مازالت تحدق له بعدم استيعاب.
حدق لوالدها بجدية: هى مش أحسن ظروف يعني يا عمى بس أنا طالب أيد جميلة وبدل ما تبقى مناسبة واحدة سعيدة خليها اتنين.
تقدم والدها ووقف بجانبها وقال بجدية: إيه رأيك يا جميلة في الكلام ده؟
احمر وجهها من الخجل وحدقت للأرض بحياء ولم ترد قبل أن يقول قاسم من بين أسنانه: معلش مش وقت كسوف يا جميلة أنا مش قادر أقف.
حدقت له بتأنيب قبل أن ننتبه للألم الذي على وجهه والذي أنباها بمدى صدق حديث وأنه بالفعل يقف بصعوبة.
قالت والدته بإبتسامة سعيدة: أنا مش هلاقي أحسن منك يا جميلة تبقى زوجة لابني أنتِ ست البنات غير أدبك وأخلاقك وذكائك كمان.