الحكمة في ارض البرونز بقلم د.رحاب سليمان
قالــت:الننــى أعشــق الطبــخ منــذ صغــرى،وأســتطيع اعــداد العديــد مــن
األصنــاف وخاصــة األصنــاف التــى طلبتهــا باإلعــان .ابتســمت ابتســامة
خفيفــة،اننــى اعلــم جيــدا مهاراتهــا الرائعــة فــى الطبــخ.
اخبرتها:اننى اريدها ان تعد لى بعض االطباق كنوع من االختبار لها.
قالــت لــى اننــى اعلــم انــك تحــب االطبــاق الفرنســية،وتحــب ايضــا الطعــام
المعــد علــى البخــار،والمخبــوزات الطازجــة،وظلــت تخبرنــى باالنــواع التــى
احبهــا تحديــداَ،غمرتنــى الســعادة ولكنــى لــم أُظهــر لهــا ذلــك،طلبــت مــن فاتــن
التــى أعشــقها.
همــت بالوقــوف وذهبــت للمطبــخ،أغلقــتُ بــاب الحجــرة كــى آخــذ نفــس
عميــق،لــن يتخيــل أحــد مــدى الســعادة التــى أشــعر بهــا اآلن،إيليــن حبيبتــى
هنــا معــى،خرجــت مــن حجرتــى وأكاد ال اســتطيع االنتظــار،انهــا بالمطبــخ،
تعــد لــى أطباقــى المفضلــة،أعلــم جيــدا ً أنهــا ســتتذكرنى يوم ـا ً مــا،ســنعيش
معــا ولــن ننفصــل أبــدًا،سأســعدها بــكل مــا أملــك،
معهــا،أتمنــى أن نســترجع ســويا ً وقتنــا فــى أرض البرونــز،ولكنــى ذكــرت
نفســى بأنهــا هنــا ال تعرفنــى .
جلســت فــى حجــرة الطعــام القريبــة مــن المطبــخ،استنشــقت روائــح األطعمــة
التــى تعدهــا،هــى بالفعــل رائحــة طعامهــا فــى أرض البرونــز،بعد فتــرة وجيزة
رأيتهــا تحمــل فــى يدهــا صينيــة كبيــرة بهــا العديــد مــن االطبــاق،واألصنــاف
التــى أحبهــا،كمــا قامــت بإعــداد الحلــوى التــى أعشــقها،هــذا يــوم حظــى
تــذوق الطعــام،
هــو نفــس الطعــام نفــس الرائحــة،غمضــت عينــى مــن فــرط ســعادتى،
شــعرت إيليــن بالقلــق وســألتنى مــا رأى حضرتــك؟
اخبرتهــا بنــوع مــن التحكــم اطباقــك جيــدة وقــد وافقــت عليكــى ولكــن
بشــرط واحــد،فســألتنى مــا الشــرط؟ اخبرتهــا انــه عليهــا ان تقيــم بالقصــر،
فاســتنكرت هــى ذلــك واخبرتنــى انهــا مرتاحــة فــى ســكنها الخــاص،فقلــت
لهــا:ان محــل اقامتــك يبعــد كثيــرا ً عــن هنــا،وهــذا ســيضيع الكثيــر مــن
كمــان أنــك هنــا لــن تكونيــن بمفــردك ففاتــن مدبــرة المنــزل هنــا لديهــا محــل
اقامــة بالقصــر،لــذا ال داعــى للقلــق،كمااننــى قــد أطلــب أطعمــة اريدهــا
فــى اوقــات معينــة،فقالــت:انهــا تــدرس وســتقوم بالعمــل بجانــب دراســتها،
لــذا ســيكون عليهــا التوفيــق بيــن الدراســة والعمــل،فأخبرتهــا:ان اقامتــك
بالقصــر ســتكون مريحــة وســيكون لــك حجــرة خاصــة،لديــك خصوصيــة
تامــة خــارج أوقــات العمــل،تــرددت قلي ـًا ثــم وافقــت .
سألتها متى تكونى جاهزة للبدء بالعمل هنا ؟
أجابــت:انهــا لــن تســتطيع البــدء غــداَ،وذلــك لوجــود التزامــات لديهــا،
وســألتها:متــى ســتنتهى مــن تلــك االلتزامــات؟
قالــت:انهــا تحتــاج يوميــن فقــط،اتفقــت معهــا أن ســائقى الخــاص ســيقوم
باصطحابهــا الــى منزلهــا،اآلن اليصالهــا،ومعرفــة عنوانهــا وانــه ســيعود
اليهــا بعــد يوميــن ليســاعدها فــى نقــل امتعتهــا الــى القصــر،شــكرتنى بــكل
رقــة علــى ذلــك وهمــت باالنصــراف.
انصرفــت إيليــن،ولكنــى فرحــت بموافقتهــا االســتقرار هنــا بالقصــر،انهــا
ال تعلــم مــاذا يعنــى وجودهــا بالقصــر؟ هــذا القصــر هــو مكانهــا،وانهــا
ســتكون ســيدة هــذا القصــر.
الفصل السادس
القصر يستعد الستقبال ايلني
اختلــف كثيــرا ً احساســى بالقصــر والوحــدة التــى كنــت أشــعر بهــا،فمنــذ
عودتــى مــن أرض البرونــز كنــت أشــتاق لــكل لحظــة قضيتهــا برفقــة إيليــن .
قلــت لمديــر أعمالــى:اننــى اريــد شــراء أثــاث جديد لحجــرة الطباخــة الجديدة،
بمواصفــات محــددة،فمواصفــات منزلــى فــى أرض البرونــز محفــورة
بذاكرتــى،كمــا طلبــت منــه شــراء كمبيوتــر حديــث لهــا،ومكتــب للدراســة،
واختــرت األلــوان التــى تحبهــا وتعشــقها فهــى تعشــق اللــون البنفســجى
الهــادىء.الحظــت اندهــاش مديــر اعمالــى بإهتمامــى الزائــد بإيليــن،وكنــت
أشــعر انــه يريــد االستفســار عــن ذلــك،ولكنــى تجاهلتــه تمامــا .
لــم اســتطع النــوم تلــك الليلــة،كنــت أكاد أطيــر مــن فــرط ســعادتى،فإيليــن
عــادت الــى حياتــى،بعــد العديــد مــن المحــاوالت اســتطعت النــوم ســاعات
ـى أى عالمــات لإلجهاد،بل اســتيقظت قليلــة،وبالرغــم مــن ذلــك لــم يظهر علـ ّ
باكــرا ً كعادتــى اليوميــة،اتمتــع بالنشــاط والحيويــة،وتوجهــت فــورا ً الــى
غرفــة إيليــن،قبــل قدومهــا للمنــزل،قمــت بترتيــب بعــض االشــياء بنفســى،
وتأكــدت مــن تجهيــز حجــرة إيليــن مــن أثــاث،والــوان،مســتلزمات دراســية،
ادوات مكتبيــة وكمبيوتــر،اردت التأكــد ان كل شــىء معــد علــى الوجه األكمل
أريــد إســعادها،واريــد اســتعادتها الــى حياتــى،فأنــا لــم أعــد أشــعر بالوحــدة
منــذ ظهــرت لــى إيليــن فــى ارض البرونــز،اعلــم جيــدا ً انهــا ســتمأل حياتــى
ســعادة،اننــى اآلن ارى الدنيــا بمنظــور مختلــف،تغيــرت كثيــرا ً عــن نــادر
القديــم،فــاآلن أصبحــت انســان طبيعــى،لديــه مشــاعر وأحاســيس،عرفــت
معنــى الحــب الحقيقــى والمشــاعر الصادقــة والفضــل كلــه يعــود إليليــن
زوجتــى وحبيبتــى .
أريــد الجلــوس بمفــردى،فــى حجــرة إيليــن،حرصــت علــى نقــل كافــة
تفاصيــل حجرتهــا فــى أرض البرونــز،كــى تشــعر باأللفــة،نفــس االلــوان،
نفــس الرائحــة،اريدهــا أن تشــعر بالراحــة.
حــان وقــت الليــل،كان الوقــت يمــر ببطــئ شــديد،صــورة إيليــن ال تفــارق
مخيلتــى،اننــى انتظرهــا بالدقائــق والثوانــى،طلبــت مــن عــم فــاروق ان
يكــون أمــام منزلهــا مــن الســاعة الســابعة،فــى اليــوم المتفــق عليــه،وبعــد
ذهابــه الحظــت أن الزمــن يــكاد يتوقــف،تحركــت بغرفتــى ذهابـا ً وإيابـًا،اننى
انتظــر وانتظــر،شــعرت بمــرارة االنتظــار،فالوقــت يمــر ببــطء،اتمنــى لــو
أنــى ذهبــت اليهــا لكــى احضرهــا بنفســى،ولكنــى خفــت مــن رد فعلهــا،علــى
هــذا التصــرف الغريــب وانتظرتهــا مــدة طويلــة،حتــى ســمعت صــوت محرك
ســيارتى،علمــت انهــا ســتدخل اآلن مــن بــاب القصــر،شــعرت بوجودهــا،
ســمعت صوتهــا العــذب وهــى تشــكر عم فــاروق الســائق،غمرتنى الســعادة،
ال اريــد التحــرك اليــوم ســأجلس بالقصــر ولغيــت كافــة أعمالــى اليــوم،ال
اريــد تــرك القصــر اليــوم،انهــا إيليــن.
،و حانــت اللحظــة الفارقــة فــى حياتــى،وهــى لحظــة دخــول إيليــن بأمتعتهــا
الــى القصر،دخلــت إيليــن مــن بــاب القصــر،وانــا كنــت اتظاهــر بانشــغالى
بببعــض الملفــات علــى مكتبــى الخــاص،حتــى ال أثيــر شــكوك إيليــن حولــى،
وحرصــت علــى عــدم المبالغــة فــى االهتمــام أمامهــا،حتــى ال تخــاف مــن
ردة فعلــى تلك،بالطبــع كان عقلــى مشــوش وال يفكــر ســوى بإيليــن .
كانــت ترتــدى تنــورة ســوداء وبلــوزة بيضــاء،بأكمــام طويلــة،قامــت برفــع
شــعرها العلــى،هــذا الشــعر الــذى اعتــدت رؤيتــه منســدالَ علــى كتفيهــا،يــا
لجمالهــا األخــاذ،فهــى جميلــة فــى جميــع االحــوال،بشــكل ال يصــدق.
طلبــت مــن فاتــن مديــرة المنــزل اصطحابهــا لغرفتها.تظاهرت بعــدم اهتمامى،
جلســت فــى مــكان يســمح لــى برؤيــة تعبيــرات وجــه إيليــن حين تــرى غرفتها
الجديــدة،رأيــت عالمــات االندهــاش تعلــو وجههــا،وتراجعــت للخلــف،فهــى
ال تــكاد تصــدق ان تلــك هــى حجرتهــا،وضعــت يديهــا علــى فمهــا مــن فــرط
الذهول.
أعلــم انهــا تــرى كل شــىء تحبــه بالغرفــة،اللوحــات الرائعة،األلــوان األثاث،
أعلــم جيــدا ً مــا تفكــر بــه،ســعدت كثيــرا ً حيــن رأيــت ردة فعلها.