رواية فى قبضة الأقدار بقلم نورهان العشرى
بحديثها و قالت بصدق
أبدا .. عمري ما هحرمك منه .. أنا مش وحشة زي ما انتي متخيله .
زفرة ارتياح خرجت من قلبها فقالت بصدق
عارفة .. عارفة إنك مش وحشه .. هتصدقينى لو قلتلك إني بقيت بعتبرك زي حلا بنتي .. و أتمني أنك تعتبريني أنتي كمان زي والدتك.
تفاعلت من حديثها الصادق و مشاعرها التي كانت بحاجة ماسة إليها فقالت بتأثر
قاطع حديثهم صوت حلا التي كانت تصرخ مناديه علي والدتها فقالت أمينة برفق
تعالي سلمي علي حلا .و متزعليش منها هي طيبه والله بس لسه متعرفكيش و أنا واثقه أنها لما تعرفك على حقيقتك هتحبك اوي و هتبقوا أصحاب كمان ..
اومات جنة برأسها في صمت بينما توجهت أمينه ممسكه بيدها إلي غرفة الجلوس فوجدت حلا تتسطح على الأريكة ز بجانبها سما تجلس القرفصاء علي الأرض و أمامها همت التي كانت تناظر جنة پغضب لم تفلح في إخفاءه
فين يا ماما كل دا
أمينة بهدوء
موجودة يا حبيبتي. تعبانه و لا حاجه انادي حد من اخواتك يطلعك اوضتك ..
كانت نظرات حلا مصوبه بقوة علي جنة الممسكه بيد والدتها و قد اغضبها هذا كثيرا فهي للآن ام تستطيع نسيان تلك الصفعه التي نالتها بسببها لذا قالت بخشونه
الجو هنا خنيق فعلا وعايزة اطلع اوضتي ..
تجاهلت جنة حديثها و نظراتها و قالت بلطف
لم تتكبد عناء الرد عليها انما اومأت برأسها و ملامحها مازالت مكفهره مما جعل الڠضب يأكل جنة من الداخل و لكنها لاذت بالصمت الذي قطعه صوت أمينه القوي حين قالت
طبيعي طول ما الناس فوق راسك كدا هتتخنقي. وعموما لما اخواتك يخلصوا الي في أيديهم هخلي حد فيهم يطلعك اوضتك.
أنهت حديثها و التفتت الي جنة قائله بلطف
تبعتها جنة دون أي حديث و بعد أن غادرا اڼفجرت همت قائله بانفعال
شايفه يا حلا امك بتعمل ايه. بقي احنا هنخنقك. بقينا احنا وحشين و البت دي هي الكويسه سحبهالنا معاها في كل حتة.
تعالي الڠضب بداخلها حتي وصل ذروته و خاصة حين قالت سما بحزن
تأثرت حلا كثيرا بحديث سما و ملامحها الحزينة فقالت بإنفعال
لا بقي الوضع مبقاش يتسكت عليه. انا مش متخيله ازاي ماما تعاملها كدا دي كانت بتكرهها و تقول انها السبب في مۏت حازم .
ياريت على قد مامتك و بس. دا حتي الكبير الي كنا بنقول عليه عاقل جرجرته و خلته يحاميلها. والله و أعلم بتخطط لأيه
نجحت في غرس شكوكها في عقل حلا التي قالت بعدم فهم
تقصدي مين
همت بحزن مفتعل
سليم.. تخيلي من شويه البنت قلت أدبها عليا و بدل ما يقولها عيب ميصحش يقولي محصلش.. و لما قولتله عالي قالته قالي اني بكذب . بهدلني قدام الخدم يا حلا يرضيك !
شهقت حلا پصدمه مما سمعته لتوها و قالت بذهول
لا يا عمتو مش معقول الي بتقوليه دا !
طب حتي أسألي سما .
سما بنفاذ صبر
طلعي سما من الحوار دا سما خلاص هتسبهالها مخضرة و تمشي
تفاجأت حلا من حديث
سما الذي جعلها تنتفض في مكانها كمن لدغتها افعي قائله پصدمه
سما ايه الي انتي بتقوليه دا تمشي تروحي فين ايه الكلام دا يا عمتو
همت پقهر
عمتك
ھتموت بقهرتها. تخيلي يا حلا سما عايزة تسبني و تسافر تروح تعيش مع شيرين . عايزين يسبوني لوحدي في آخر أيامي و يفضل قلبي متشحتف عليهم العمر كله.. و كل دا ليه عاشت ست الحسن و الجمال مش راضيه تبعد عنها..
حلا بانفعال
يعني ايه الكلام دا. هو بمزاجها! دي هي الي تمشي و تغور في داهيه. اسمعي يا سما مفيش مشيان من البيت دا و لو عملتيها لا انت بنت عمتي و لا اعرفك ولا لساني هيخاطب لسانك ليوم الدين. سمعاني.
سما بتعب
حلا الله يباركلك بلاش كلامك دا..
قاطعتها حلا بصرامة
بلاش انتي عبطك دا و انسي اللي بتفكري فيه دا خالص.. و إن كان عالست جنة دي أنا هعرف أوقفها عند حدها. و اعرفها ازاي تتجاوز حدودها معاك
كان الأخوان في المكتب يناقشان أمور العمل وكان سالم كل دقيقه ينظر إلى ساعته و منها إلي النافذة مما جعل سليم ينتبه الي ما يحدث فأغلق الاوراق أمامه و قال باستفهام
في حاجه يا سالم انت منتظر حد
سالم باختصار
مفيش..
شعر سليم بخطب ما يحدث مع أخيه فاستطرد قائلا
حاجه مضيقاك..
قاطعه سالم دون أي مقدمات
انا هتجوز فرح ..
برقت عينا سليم من هول ما سمع حتى أنه أخذ عدة لحظات في محاولة لاستيعاب ما تحدث به أخاه الذي كانت معالمه لا تفسر فتحمحم سليم متجاوزا صډمته قائلا
شكلك بيقول انك واخد
أعاد سليم سؤاله حين قال
سالم . سمعتني. كنت بقولك ازاي حصل ..
قاطعه سالم بخشونة
من غير الدخول في تفاصيل مش مهمه. انا قررت و انتهي الموضوع.
تمام بس اشمعنا فرح بالتحديد يعني انت مش شايف انها مختلفه عنك في كل حاجه
حديث أخاه جعل ابتسامه ساخره ترتسم علي ملامحه فعلي العكس تماما هي تشبهه كثيرا شموخها و عنادها و قوتها حتي هدوئها الظاهري. كان يود في تلك اللحظه أن يخبره بأنها إمرأته التي خلقت من ضلعه الأعوج الذي استقام بعشقها. يخبره بأنها بالنسبه اليه كانت تحدي ظن أنه انتصر به و الحقيقه أنه هزم أمامها و أعلن قلبه رايه التسليم في هواها متيما.. ولكنه كعادته يفصح أقل بقليل مما يخفي اكتفي بالقول
مناسبة ليا
صمته و عضلاته التي تشنجت عند ذكرها و ايضا ذلك النفس الذي خرج محترقا من بين ضلوعه كل تلك الأشياء جعلت سليم يواجه حقيقه لم يكن يتوقعها أن أخاه وقع بعشق تلك المرأة!
سالم . انت
سالم بفظاظة
مش عايز استنتاجات معنديش استعداد أجاوب عليها يا سليم..
تفهم سليم شعور أخيه جيدا فهو بمثل موقفه لا يقدر على التبرير و لا حتى الإفصاح عما يدور بداخله لذا توجه يقف بجانبه ينظر من النافذة وهو يقول بهدوء
الي تشوفه يا سالم. بس اكيد مش هتعمل حاجه قبل ما تعدي سنه علي ۏفاة حازم علي الأقل. انت عارف الحاجه غير أنه مينفعش.
نجح في إخفاء حزنه وغضبه بداخله و قال بخشونه
متقلقش. مفيش حاجه هتم قبل ما جنة تولد بالسلامه و سنوية حازم تعدي..
هدير سيارة جعل الڠضب يحل محل الحزن حيث تبدلت معالم سالم و بدأ متحفزا و كأنه نمر يوشك على الانقضاض على فريسته حين رأى فرح التي ترجلت من السيارة و تتحدث مع مروان بدون تحفظ و ابتسامتها تملأ وجهها و ذلك الوغد يضحك ملأ فمه الذي يود تلك اللحظة أن يعطيه لكمة قوية ټحطم أسنانه حتى لا يضحك معها مرة ثانيه .
ازدادت شراسة معالمه حتى كادت أنيابه أن تظهر و قال بصوت يشبه الزئير في قوته
هاتلي الكلب الي اسمه مروان دا هنا ..
تفاجئ سليم كثيرا من مظهر أخاه و نبرته المتوعدة و لكنه لم يعلق و توجه إلي الخارج فوجد جنة التي كانت تهرول الي باب القصر عندما علمت من الخدم بوصول شقيقتها فبلغت سعادتها عنان السماء و أطلقت الريح لساقيها حتي تلاقيها و لكنها تفاجئت من تلك القبضة القوية التي أحكمت الإمساك برسغها فالتفتت پصدمه لتجد عينان تعرفهما جيدا فاحمرارهما و ذلك الڠضب الذي يميزهما لم تراه أبدا في حياتها سوي عندما شاهدته.
كانت أنفاسها المتسارعة و دقاتها الهادرة و المرتعشتين اغواء قاټل لقديس مثله لم يذق معني العشق بحياته و لم يتذوق من شهده رشفه
واحده و لكنه الآن متجسد أمامه كالتفاح الحړام الذي يغريه من بعيد و لا يجروء علي لمسه اجل كانت تلك تفاحة أدم التي ستودي به الي الهلاك.
مش تحاسبي. ازاي تجري بالشكل دا و انتي
حامل..
برقت عيناها من حديثه و اهتمامه المفاجئ بها الذي جعلها تقول دون احتراز
نعم. انت خاېف عليا و لا أنا خدت شومة علي دماغي باين !
بلمح البرق تركتها يداه بغته و اعتدل في وقفته و حاول إخفاء لهفته الغبيه التي وضعته في مأذق الآن فقال بتهكم
لا الشومه دي فعلا انتي تستحقي تاخدي بيها علي دماغك علي استهبالك دا!
اغتاظت من وقاحته فقالت قاصده استفزازه
مش قولتلك ملكش
تابعت استفزازه قائله
انت بتقول كتير الصراحه و أنا مبركزش!
هدر پغضب
متضايقنيش احسنلك
كانت مستمتعه ب إغضابه كما كان يفعل دوما فتابعت بتهكم
انت كدا كدا علي طول متضايق فبلاش تلبسني تهم عالفاضي .
أوشك أن يجيبها فقاطعه صوت مروان المازح حين قال
جنة . بت يا أم حزومبل . انتي فين اختك جت من السفر ..
جايه يا مارو اهوة..
هكذا أجابت جنة علي مروان و هرولت للخارج تاركه خلفها شعلة من النيران المتأججة التي كانت قادرة على حرقها في تلك اللحظة.
المتسلط..
وحشتيني اوي يا فرح .. أخيرا جيتي..
فرح بشوق
انتي وحشتيني اكتر يا جنة .. والله ما كنت عايزة اسيبك اصلا بس للضرورة أحكام هعمل ايه بس
تدخل مروان قائلا بمزاح
قصدك حكم قراقوش.. قولي قولي متتكسفيش سرك في بير.
قهقهت الفتيات علي مزاحه و قالت فرح من بين ضحكاتها
يا ابني انت ايه . بطني وجعتني من كتر الضحك..
مروان بمزاح
اي خدمه عدي الجمايل. الواحد بيداينكوا عشان لما ييجي يتزنق تلحقوه..
جنة محاولة إغاظته
مبتعملش حاجة لله أبدا. والله انت تستاهل إلي ريتال بتعمله فيك..
مروان بتهكم
ريتال دي المفروض طفله و أنا باخد بالي منها بس تصدقي بالله احيانا بحس ان انا الي عبيط و هي الي عارفه كل حاجه. تحسيها واحده عندها سبعين سنه و اتسخطت.. مشرداني الله يسامحها..
تعالت قهقهاتهم أمام ذلك الذي كان غضبه تخطي حدود المسموح فقال بصوت ارعدهم جميعا
مروااان.
انتفض مروان في مكانه و قال پذعر
مين. مروان مين اكيد مش انا..
لا تعلم لما شعرت بالانتشاء لغضبه الذي تجلي بوضوح في صوته لم تكن تري ملامحه فقد كانت تلمحه منذ أن ترجلت من السيارة و هو يقف في النافذة و لهذا و بالرغم من تعبها إلا أنها أرادت أغضابه.
جنة بإشفاق
اهو قراقوش شكله سمعك. الله يرحمك كنت طيب و بتسلينا. مين هيضحكنا بعدك يا مارو
ناظرها مروان بإشمئزاز قبل أن يقول
هو ده اللي ربنا قدرك عليه تعددي عليا و أنا لسه عايش. اومال لما اموت هتعملي ايه. حسبي الله ونعم الوكيل يا شيخه
بينما عيناه تأكلانها بنظراته الغاضبة وهي تغادر و نظرتها له وكأنها تتحداه علنا. ولكنه قبل تحديها الصامت متوعدا
ماشي يا فرح. انتي