تانى
أزداد نشيج بكاؤه وقال بصوت متوسل: بالله عليكِ سامحيني يا ماما بالله عليكِ، سامحيني.ضمته إليها بقلق ثم نظرت لشقيقه الذي بادلها النظر بحيرة وقالت بحنان: مسامحاك يا حبيبي، وأنا عمري أزعل منك أبدا، خف أنت وقوم بالسلامة.ظل يبكي لفترة وهو يكرر طلبه السماح منها بصوته الباكي المتوسل مما أثار قلقها ولكنها واساته وأجلت سؤاله لحين خروجه من المستشفى.
تولى أمير أمر دفن والده مع أقارب لهم من بعيد لأن والده لم يكن له أشقاء وقد توفى والديه منذ زمن، ثم بعد ثلاثة أيام لاحقة خرج مروان من المستشفى وعاد للمنزل مع والدته.
كانت رنا تجلس مع سلمى في الصالة لا تكاد تصدق ماتسمعه.
هتفت بها: مروان يحصل منه كل ده ؟ إزاي!أبتسمت سلمى إبتسامة خفيفة بمرارة: أهو اللي حصل يا رنا بس الحمدلله رجع البيت دلوقتي وجوا.
هزت رنا رأسها وهى تتابع: ونادر م١ت يا سبحان الله بجد.ربتت على سلمى بعطف: ربنا رحيم بيكِ يا حبيبتي، الحمدلله أنه مروان رجع لك هيهديه ليكِ وهتلاقي نتيجة صبرك خير.
تنهدت سلمى: الحمد لله على كل حال.
قالت رنا بإستغراب: طب هو مقالكيش حاجة خالص؟
قالت سلمى بتعجب وحيرة: لا بس كل اللي طالع عليه يقولي سامحيني يا ماما وبس.
رنا بإقتناع: أكيد حس بغلطته وعرف أنه زعلك أهو الحمد لله رجع.
دلفت سلمى بالطعام لمروان بعد أن غادرت رنا بعدما اطمئنت عليه سريعا، وجدته شاردا ينظر بحزن لنقطة غير محددة.
أبتسمت وهى تقترب منه: يلا حبيبي وقت الأكل.
نظر لها بحزن نظرات غير مفسرة فتألم قلبها من مشهده.
وضعت الصينية على المنضدة المجاورة للسرير قبل أن تجلس بجانبه وهى تمسك بيده وتقول بحنان: مروان يا حبيبي لو عايز تتكلم قول أنا هسمعك.
دمعت عيون مروان ثم تحرك ونام في حضنها، مسحت سلمى على شعره وهى صامتة تنتظره.قال بصوت مخنوق: أنا أخيرا فوقت واكتشفت الحقيقة يا ماما، الحقيقة اللي كنت رافض أصدقها أو أشوفها كل حياتي، لما نزلت تحت وأنتِ كل لسة مفوقتيش بابا اقنعني أمشي معاه وأنه هيحل لي مشكلتي وأنه عادي طالما بقيتِ كويسة هاجي تاني وم أشوفك.
نظر لها وإحساسه بالذنب يظهر على وجهه بوضوح: أنا مش عارف إزاي اقتنعت أمشي معاه والله مش عارف بس متزعليش مني.
مسحت على وجهه ولم ترد أما هو أخذ نفسا عميقا ثم تابع: لما روحت معاه وقولتله هتحليلي المشكلة إزاي، ضحك وقال إنه هيروح يشرح لوالد رغد إزاي أنتِ ظلمتيه وجيتِ عليه ومن كتر ظلمك ليه وإهمالك راح اتجوز عليكِ وكان هيطلقك وأنه أنا مش هعيش معاكِ تاني فمفيش خوف على بنته، حسيت بالضيق أوي لأنه دي مش الحقيقة وقولتله كدة، زعق لي لأنه أنا كدة هبقى مغفل ومش بفهم حاجة بس أنا مكنتش راضي عن كدة.
توقف قليلا ليلتقط أنفاسه ثم تابع وهى تراقبه بحزن: كنا رايحين لرغد في الطريق بس قولتله أني مش هعمل كدة ومش هحقق سعادتي على حساب ظلمك وتشويه صورتك بالكدب، اتخانقنا وساعتها قال كل حاجة وهو متعصب، أد ايه ظلمك وجه عليكِ وكل حاجة عملها فيكِ وكان ناوي يعملها وأنه كان ناوي يخلينا أنا وأمير نبقى معاه ضدك وهو كدة هيكون انتقم منك لما يخليكِ وحيدة وولادك بيكرهوكِ.
نظر لها بعيون دامعة وأكمل بنبرة مرتجفة: حتى قال إنه مش مهتم بينا ولا بأنه يرجع لي البنت اللي بحبها كفاية أنه يكسر.ك وكفاية أنه نجح في أنه يبعدني عنك، قال إني شبهه وطالع زيه علشان كدة نجح بسرعة أنه يكرهني فيكِ ووسط كل ده دخلت فينا عربية وعملنا حادثة كانت جاية من ناحيته، شوفته وهو بيموت قدامي وساعتها كان خايف أوي، هو مفكرش في نهاية كل اللي عمله هتكون قدام ربنا إيه ولا عقابه هيكون عامل إزاي.
تساقطت دموع سلمى وكان تأثر أمير شديدا الذي يستمع منذ البداية وهو يقف عند الباب.
بدأ مروان يبكي: هو أنا زيه يا ماما؟ أنا فعلا طلعت زيه؟ بس أنا والله عمري ما كرهتك، أنا بحبك أوي بس كنت متعصبزعلان.انحنى على يديها يقبلها فأبعدتها بسرعة وهى تضمه إليها أما هو تابع بنبرة باكية: سامحيني يا ماما أنا أول حد جه في بالي أنتِ، كنت خايف مشوفكيش تاني وأنتِ زعلانة مني، كنت عايز أشوفك أوي وأقولك تسامحيني.