السبت 23 نوفمبر 2024

الحكمة في ارض البرونز بقلم د.رحاب سليمان

انت في الصفحة 8 من 28 صفحات

موقع أيام نيوز

‫مهدئــة مــن الحبــوب التــى وصفهــا لــى د عــاء‪،‬كــى تســاعدنى علــى التغلــب‬
‫علــى هــذا االرق‪،‬وبالفعــل اســتغرقت فــى النــوم بفضــل الحبــوب المنومــة‪،‬‬
‫اســتمر هــذا الحــال فتــرة مــن الزمــن‪،‬وكنــت اتجنــب الســير ليــًا علــى‬
‫الشــاطىء بمحــاذاة البحــر‪،‬وهــذا كان مــن األســباب الرئيســية فــى تزايــد‬

    ‫الشــعور بالوحــدة‪،‬وتفاقــم االكتئــاب والتعاســة التــى أشــعر بهــا‪،‬كنــت‬‬
‫أقــاوم رغبتــى فــى االســتمتاع بهــواء البحــر‪،‬ثــم غفــوت لوهلــة قصيــرة مــن‬
‫الزمــن‪،‬ورأيــت القبــة تظهــر أمــام عينــى‪،‬وســمعت الصــوت الرقيــق الــذى‬
‫ينادينــى‪،‬ورأيــت امــرأة تظهــر فــى القبــة مــن بعيــد‪،‬تذكــرت والدتــى حيــن‬
‫رأيتهــا لــم ارى مالمحهــا ســمعتها تنادينــى بصــوت عــذب‪،‬هــذا هــو الصــوت‬
‫الرقيــق الــذى ســمعته وانــا علــى الشــاطىء‪،‬اســتيقظت فجــأة وانــا فــى حالــة‬
‫مــن الذهــول‪،‬وهممــت بالخــروج مــرة أخــرى للشــاطىء‪،‬محــاوالً الكشــف‬
‫عــن اليقيــن‪،‬وتحديــد عمــا اذا كنــت أعانــى مــن هــاوس ســمعية وبصريــة‬
‫ناتجــة عــن اكتئــاب حــاد‪،‬مثــل تشــخيص د عــاء؟‪،‬أم أن هــذا الشــىء هــو‬
   ‫شــىء حقيقــى؟‬
‫الفصل الثالث‬
  ‫دخول أرض الربونز‬

‫وأنــا فــى طريقــى الــى شــاطىء البحــر كنــت أشــعر بثقــل الهمــوم والمخاوف‪،‬‬
‫وعزمــت علــى التغلــب علــى هــذا الخــوف‪،‬إذا ظهــرت هــذه القبــة أمامــى‬

    ‫مــرة أخــرى ‪.‬‬
‫وصلــت الــى الشــاطىء‪،‬جلســت بالســاعات فــى انتظــار ظهــور القبــة مــرة‬
‫أخــرى‪،‬الــى أن شــعرت باليــأس مــن ظهورهــا‪،‬وايقنــت انهــا تهيــآت‪،‬وهــذا‬
‫الشــىء ليــس لــه وجــود‪،‬ثــم فجــأةً رأيــت القبــة تعــاود فــى الظهــور مــرة‬
‫أخــرى‪،‬وفُتــح الممــر وأمتــد الــى الشــاطىء كمــا حــدث فــى المرات الســابقة‪،‬‬
‫واســتجمعت قــواى وتوجهــت الــى الممربالرغــم مــن تزايــد مخاوفــى‪،‬بســبب‬
‫الخــوف مــن المجهــول‪،‬ومــا ان بــدأت طريــق الممــر اذ بالممــر يســحب مــرة‬
  ‫واحــدة داخــل القبــة واختفــى هــذا الممــر‪.‬‬
‫رأيــت نفســى فــى مــكان غريــب جــدا‪،‬الجــدران كلهــا مــن اللــون البرونــزى‬
 ‫وعليهــا نقوشــات جداريــة‪،‬تشــبه الرســومات الفرعونيــة‪،‬كأنهــا تحكــى‬
‫تاريــخ مــا‪،‬ثــم رأيــت تلــك النقــوش تتحــول بتقنيــة غريبــة لــم أرهــا ســابقا ً‬
 ‫ـروى مــن خــال تلــك النقوشــات‬  ‫وال أعلــم الســر فــى ذلــك‪،‬كان هنــاك قصــة تُـ َ‬
 ‫التــى تتغيــر‪،‬كانــت االرض كلهــا برونزىــة اللــون‪،‬كل شــىء حولــى مــن‬
 ‫البرونــز‪،‬ورأيــت انــاس يرتــدون حــات برونزيــة اللون‪،‬انزعجــت مــن ذلــك‬
  ‫وتســاءلت ‪..‬‬
  ‫هل أنا فى حلم كبير؟‬

‫هل اعانى من هالوس سمعية وبصرية كما قال لى د عالء؟‬
 ‫هل تلك الحياة بعد المoت؟‬
‫ال أعلــم مــا الــذى أصابنــى‪،‬انتابنــى الخــوف والهلــع ممــا أرى واســمع‪،‬‬
‫ســمعت شــخص يرتــدى حلــة برونزيــة يقــول لــى‪:‬الداعــى للخــوف انــا‬
‫كنــت مثلــك حيــن دخلــت هــذا المــكان ستســعد كثيــرا ً وال تقلــق األمــر هنــا‬
  ‫شــيق جــدا ً اطمئــن‪.‬‬


‫شــعرت بالفعــل باالطمئنــان مــن كلماتــه‪،‬ولكنــى كنــت أخــاف مــن المجهــول‪،‬‬
‫رأيــت النــاس يبتســمون لــى‪،‬يســيرون بشــكل منظــم كمــا لــو انهــم فــى طابور‬
‫مدرســى‪،‬ســمعت أحدهــم يقــول لآلخــر‪،‬يوجــد أعضــاء جــدد اختارهــم القائد‪،‬‬
‫ألرض البرونــز‪،‬ســمعت صــوت ينــادى ويقــول علــى جميــع األعضــاء الجــدد‬
‫الوقــوف بالســاحة‪،‬فرأيــت شــخص بجــوارى يقــول لــى‪:‬أنــت مــن األعضــاء‬
‫الجــدد إذهــب للســاحة‪،‬حاولــت الهــروب‪،‬ولكــن حــدث شــىء غريــب‪،‬‬
‫تســمرت قدمــاى مكانهــا‪،‬شــعرت بقــوة مغناطيســية تجذبنــى بشــدة وتجبرنــى‬
‫علــى عــدم التحــرك‪،،‬وســمعت صــوت يقــول لــى‪،‬ال داعــى للهــروب يــا‬
‫نــادر‪،‬أنــت هنــا بأمــان‪،‬انتابنــى احســاس أن هنــاك قــوى غريبــة‪،‬فــى هــذا‬
‫المــكان‪،‬تخيلــت اننــى ركبــت ســفينة فضائيــة‪،‬وانــا اآلن فــى كوكــب آخــر‪،‬‬
‫ورأيــت أمامــى مجموعــة مــن األشــخاص يرتــدون مالبــس عاديــة مثلــى‬
‫يقفــون بالســاحة‪،‬جميعهــم فــى حالــة هلــع مثلــى‪،‬فجــأة ســمعنا صــوت يقــول‬
‫اهــًا ومرحبــا ً باألعضــاء الجــدد‪،‬نعلــم أنكــم ينتابكــم جميعــا ً الخــوف مــن‬
‫المجهــول‪،‬ولكــن ســتعلمون الحق ـا ً أنكــم محظوظــون بالمــرور بممــرأرض‬
    ‫البرونــز‪،‬انتــم جميع ـا ً تعانــون مــن الوحــدة القاتلــة‪،‬فــى عالمكــم‪،‬ولقــد‬

‫اخترناكــم بعناية‪،‬ويوجــد اســباب الختياركــم علــى وجــه الخصــوص لدخــول‬
‫أرض البرونــز‪،‬ســتعلمون تلــك األســباب الحقـًا‪،‬انتــم أثريــاء ينتابكــم الملــل‬
‫مــن حياتكــم الروتينيــة التــى اعتدتــم عليهــا‪،‬ليــس لديكــم مــا تعيشــون مــن‬
‫أجلــه‪،‬يومكــم كأمســكم‪،‬ســتختبرون هنــا المعنــى الحقيقــى لأللفــة والمحبــة‪،‬‬
‫ســتعلمون جيــدا ً أن حياتكــم األولــى كانــت معانــاة‪،‬والســعادة الحقيقيــة‬
   ‫ستشــعرون بهــا معنــا هنــا فــى ارض البرونــز‪.‬‬
‫ألرض البرونــز قوانيــن يجــب عليكــم االنصيــاع لهــا‪،‬حتــى تتمكنــوا مــن‬
‫العــودة لحياتكــم الســابقة‪،‬والعيــش بســعادة‪،‬ســتتعلمون هنــا الكثيــر مــن‬
‫االشــياء التــى ســتجعل حياتكــم افضــل بكثيــر مــن ذى قبــل‪،‬ســتدركون‬
‫الكثيــر مــن القيــم والمعانــى الجميلــة‪،‬لــذا نكــرر لكــم أرض البرونــز هــى‬
   ‫للمحظوظيــن فقــط ‪..‬‬
 ‫ستمرون بثالث مراحل‪،‬قبل اخطاركم بطبيعة أرض البرونز‪.‬‬
‫فــى المرحلــة األولــى‪:‬ســيدخل كل منكــم بداخــل جهــاز تحليــل الشــخصية‪،‬‬
‫يحــدد هــذا الجهــاز شــخصية كل منكــم بدقــة‪،‬ســيوضح مــا يحــب‪،‬ومــا‬
‫يخشــى‪،‬الوظيفــة المناســبة‪،‬صفــات الزوجــة المثاليــة لــكل منكــم‪،‬وغيرهــا‬
 ‫مــن األمــور التــى تســاعدكم فــى أرض البرونــز‪.‬‬
‫فــى المرحلــة الثانيــة‪:‬ســتظهر نتائــج المرحلــة األولــى وبنــاءًا‪،‬عليــه ســيتم‬
 ‫اختيــار العمــل المناســب لكــم فــى أرض البرونــز‪.‬‬
‫فــى المرحلــة الثالثــة‪:‬ســيتم الحــاق كل منكــم بالعمــل المناســب لــه‪،‬وبنــاءا ً‬
   ‫عليــه ســيتم اختيــار البيئــة المناســبة لهــذا العمــل‪،‬ونريــد أن نبلغكــم أن‬
‫الحيــاة هنــا بســيطة‪،‬غيــر معقــدة‪،‬ســيتدرب كل منكــم علــى العمــل المناســب‬
‫لــه‪،‬وقــد يعمــل البعــض منكــم أعمــال جديــدة لــم يعتــادون عليهــا فــى حياتكــم‬
 ‫خــارج أرض البرونــز ‪.‬‬
‫وبــدأت بالفعــل المرحلــة األولــى‪،‬ودخــل كل منــا جهــاز تحليــل الشــخصية‪،‬‬
‫وهــو عبــارة عــن اســطوانة كبيــرة برونزيــة اللــون‪،‬فُتــح بابهــا أمامــى‬
‫مباشــرة‪،‬ســمعت صــوت يقــول ادخــل يــا نــادر االســطوانة ارتعبــت مــن هــذا‬
‫الصــوت‪،‬ولكنــى اســتجبت علــى الفورودخلــت االســطوانة وأغلــق البــاب‬
‫غلــق ذاتــى مــن خلفــى فــور دخولــى‪،‬ثــم ظهــرت أمامــى شاشــة كبيــرة‪،‬‬
‫مكتــوب بهــا كلمتــى (الخيــر والشــر)‪،‬وانتشــر حولــى هــواء ابيــض اللــون‪،‬‬
‫وســمعت صــوت بالجهــاز يقــول‪،‬انــك انســان صالــح تحــب عمــل الخيــر‪،‬‬

انت في الصفحة 8 من 28 صفحات