الحكمة في ارض البرونز بقلم د.رحاب سليمان
اليومــى لحياتــى.
هاتفنــى صديقــى حســين وقــال لــى:لــم أرى رقمــك اال اآلن هــل حدث شــىء؟
انــت ال تتصــل بــى فــى هــذا الموعد
فأجبتــه:لــن أســتطيع الحديــث معــك اآلن،أريــد مقابلتــك اليــوم كان يبــدو
علــى صوتــى االنزعــاج،وانهيــت المكالمــة،قمــت بمتابعــة أعمالــى ولكنــى
كنــت منزعجــا ً طــوال اليــوم،حتــى قابلــت صديقــى الــذى يقــوم بتخفيــف
االعبــاء عــن كاهلــى،قابلتــه فــى مكتبــى،النــه كان يفهمنــى جيــدًا،ويعلــم
مــا بداخلــى،دون أن اتكلــم،نظــر لــى بنظرتــه الثاقبــة،وإدراكــه الجيــد
نظــرت اليــه وقلــت لــه:اعتقــد انــى أصبــت بالتهيــؤات،واننــى أشــك فــى
إصابتــى بإحــدى األمــراض العقليــة،ورويــت لــه مــا حــدث معى،ومــا رأيتــه
علــى شــاطىء البحــر وســألته،هــل انــا مصــاب بالفعــل بمــرض نفســى؟
وفاجأتنــى ردة فعلــة،فلقــد وقــف فجــأة فــى مكانــه،اثنــاء ســيرنا ســويًا،
ثــم بــدأ فــى ضحــك هســتيرى،وقــال لــى اننــى أخبرتــك مــن قبــل مــا هــى
مشــكلتك الحقيقيــة،انــك تعانــى مــن الوحــدة وتحتــاج الــى البحــث عــن
بســبب الفــراغ الــذى تعيشــه والوحــدة التــى تعانــى منهــا،لــذا مــا رأيتــه هــو
عبــارة عــن أحــام يقظــه،اســتنكرت كالمــه فأنــا ال أنــوى الــزواج حاليـًا،أو
بمعنــى أدق لــم اخشــى االرتبــاط والتعلــق بأحــد ثــم يفارقنــى فيمــا بعــد
عــدت الــى قصــرى،وتناولــت عشــائى،وارتديــت مالبســى الرياضيــة،
وخرجــت ألتمشــى أمــام البحــر كعادتــى اليوميــة والتــى أحــرص عليهــا،
حســين،جلســت قليـًا أمــام البحــر اتحــدث معــه كعادتــى،ولكــن صــورة القبــة
لــم تفــارق خيالــى،بــل بســبب تلــك القبــة فكــرت فــى العديــد مــن التصاميــم
الهندســية،مــن وحــى تلــك القبــة،وظننــت أن مــا حــدث لــى،هــو وحــى فنان،
وطمأنــت نفســى بهــذا،الــى أن ال حظــت القبــة البرونزيــة تعــاود الظهــور
مــرة أخــرى بأضوائهــا المشــعة،ومنظرها الخــاب،ثــم ظهــر نفــس الممــر
الــذى ظهرأمامــى باألمــس وظــل يمتــد الــى أن وصــل الــى الشــاطىء أمامــى
مباشــرة،انتابنــى نفــس الهلــع والخــوف الــذى أصابنــى باألمــس،تســاءلت
هــل أرى حلــم مــن االحــام الغريبــة؟
أم انــه تملكنــى أحــد االمــراض العقليــة؟ وهــذا درب مــن دروب الجنــون التــى
تســبب التهيؤات؟
أم هى سفينة فضاء؟
وتذكــرت،شــغفى بقصــص الخيــال العلمــى،التــى كنــت أقرأهــا فــى
صغرى،أثارتنــى الدهشــة والفضــول،وأردت محاولــة استكشــاف هذا الشــىء
ومحاولــة الــرد علــى تســاؤالتى،تكــرر الــى مســامعى الصــوت الــذى كان
ينادينــى المــرة الماضيــة،نفــس الصــوت الرقيــق،هممــت بالمــرور بالممــر،
واالســتجابة الــى هــذا الصــوت،فتراجعــت مــرة أخــرى للــوراء وعــدت
مهــروالَ الــى قصــرى وأنــا بحالــة يرثــى لهــا،هــذا اليــوم لــم أرد الخــروج
نهائي ـًا،فأنــا أصبحــت أشــك فــى قوايــا العقليــة،وتأكــدت أن مــا يحــدث لــى
هــو بالفعــل تهيــآت كمــا أخبرنــى صديقى،هاتفــت حســين وقلــت لــه اريــدك
حــاالً،فتــرك كل شــىء وجــاء الــى علــى الفــور،فقلــت لــه اننــى مشــيت
اليــوم علــى شــاطىء البحــر مــرة أخــرى،ورأيــت مــا رأيتــه باألمــس،فقــال
لــى حســين:هــذا شــىء ال يصدقــه عقــل،ويجــب أن تــزور طبيــب نفســى،
فقلــت لــه موقفــى مــن زيــارة اطبــاء نفســيين،خوفـا ً مــن الشــائعات التــى قــد
تطالنــى،فاقتنــع بالفعــل حســين وذكرنــى بصديقنــا بالدراســة فــى المرحلــة
االبتدائيــة،الــذى يدعــى عــاء،واخبرنــى انــه اآلن أصبــح طبيــب نفســى
شــهير،ويمكــن استشــارته كصديــق،ســندعوه للجلــوس معنــا هنــا،ونســهر
معـًا،ثــم تــروى لــه مــا حــدث معــك،وفــى اعتقــادى هــذا االمــر عــادى مــع
ظــروف الوحــدة التــى تعيشــها،وبالفعــل هاتفــه حســين وحــدد معــه مقابلــة
اليــوم عنــدى بالقصــر يــوم اجازتــه االســبوعيه،بعــد يوميــن مــن اآلن.
كنــت أشــعر باالنزعــاج،وذلــك العتقــادى اننــى بالفعــل أعانــى مــن مــرض
نفســى خطيــر،وايضـا ً تجنبــت الذهاب الى الشــاطىء هــذا اليومــان،وبالطبع
هــذا كان لــه بالــغ األثــر فــى زيــادة االرق الــذى أعانــى منــه،أيض ـا ً كنــت
شــبه مضطــرب نفســيًا،لــم أخــرج مــن القصــر نهائيـًا،كنــت اســير أعمالــى
بالهاتــف،كنــت أشــعر بالكآبــة،كان كل يــوم يزورنــى حســين حيــن ينتهــى
مــن اعمالــه،كنــت أجلــس صامت ـًا،ال اريــد الحديــث،فــكان حســين يحــاول
مســاعدتى واخراجــى ممــا انــا فيــه،كان يحــاول قــدر االمــكان طمأنتــى،
كان لــه دور فــى تحســين حالتــى المزاجيــة بعــض الشــىء،كان يحكــى لــى
مواقــف طريفــة لبناتــه،وكنــت احــاول مســايرته والضحــك معــه كى ال يشــعر